
{ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ (86) رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ}وهذه حالة مقيتة ومخزية وسيئة {رَضُوا}رضوا لأنفسهم حالة الدون، حالة الذلة والهوان، رضوا لأنفسهم بأن يكون مع من؟ بدلاً من أن يكونوا مع المجاهدين، مع الأحرار، مع الأبطال، مع الشرفاء، اختاروا لأنفسهم أن يكونوا مع النساء، ومع الصبيان، ومع العجزة، وأن يكون حالُهم حالَهم، يريد لنفسه أن يكون حاله مع تلك المرأة، مع ذلك الطفل، مع ذلك العاجز عن الجهاد في سبيل الله، وهذه حالة مقيتة.
الإنسان الذي يتربى تربية الإيمان تُشبَّع نفسه ومشاعره بالعزة وبالهمة العالية، فيعيش في عمق نفسه وفي داخل إحساسه وشعوره بالعزة، يصبح لديه نفس أبية، نفس أبية وعزيزة وكريمة، فلا يرتضي لنفسه الهوان، ولا يرتضي لنفسه الدونية، ولا يرتضي لنفسه الانحطاط والسقوط والصغار، لا.
التربية الإيمانية تربينا على العزة {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}(المنافقون:8) تربينا على الإحساس بالكرامة، تربينا على علو الهمة وعلى شد العزم، فتبني رجالاً ذوي عزم وذوي همة عالية، وأباة للضيم، رجال مواقف، رجال مسئوليات، رجال تحديات، رجال يتحركون في مواجهة كل الأخطار وكل التحديات مهما كانت، عالون بعلو إيمانهم وعزة إيمانهم، فالحالة التي يكون فيها الإنسان وضيع النفس، صغير الهمة، يرضى لنفسه بالدونية، ويريد أن يعيش في واقعه مثلما تلك المرأة ومثلما ذلك الطفل، وكأنه ليس في نفسه شيء من الشعور بالعزة والرجولة والهمة والشرف، فيريد لنفسه أن يكون حاله كما حال أي امرأة أو طفل أو عاجز، {رَضُوا} رضوا لأنفسهم بهذه الحالة الخسيسة التي لا تليق بهم وهم مقتدرين ومتمكنين ويستطيعون أن يكونوا بما لديهم وما منحهم الله وما أعطاهم في موقف العز وموقف القوة وموقف الشرف.
اقراء المزيد